إنها قصة اثنين قاوموا وجاهدوا وضحوا في سبيل حبهم ... وفعلوا وحاربوا المستحيل من اجل بقاء حبهم .. ذلك الحب الطاهر الذي أصبح نادرا في هذا الزمان .. هو يعشقها بلا حدود.. هي متيمه في عشقه وحبه ..أصبحوا روحين في جسد ... لا احد يستطيع تفرقتهم ..أصبح حبهم يضرب به الأمثال .. حتى أنهم قاوموا الصعاب .. ووقفوا في وجه أهلهم حتى لا يمنعوا ذلك الحب ..
وبالفعل .. تزوجوا .. رغم معارضة بعض الأهل .. واكتمل حبهم الآن .. هي أحبته من كل قلبها ولا ترى بعالمها غيره ولا تستطيع الاستغناء عنه لو لحظات .. هو مجنونها ويموت في حبها ..
بعد الزواج ..قضوا أحلى شهر عسل .. وأحلى أيام العمر.. ومر على زواجهما شهر .. شهرين .. ثلاثة .. حتى اكتملت سنه كاملة .. عاشوا في هذه السنة حلم جميل تمتعوا به وتمنوا أن لا يصحون منه ...
وفي يوم من الأيام..استيقظ هو على صوت جرس الهاتف .. ولما ذهب إليه ورفع السماعة .. وإذا بذلك الصوت الذي يدل على غضب .. إنها والدته ... وحصل هذا الحوار بينهم ..
رفع السماعة وإذا بصوت والدته يأتيه غاضباً ... فأحب أن يقطع الصمت فقال: وهو يبتسم : صباح الخير يا أحلى ام في الدنيا الأم ( وبنبرة حادة ): أي صباح هذا اللي تتكلم عنه ؟ ..الساعة الحادية عشرة ظهراً وتقول لي صباح الخير !؟!؟
سامي : لكننا مازلنا في الصباح !
الأم: اترك عنك هذا الكلام الفارغ والآذن اذهب إلى تغيير ملابسك وتعال بسرعة, هيا لا تتأخر !!
سامي : لماذا يا أمي ..خير إن شاء الله .. ماذا حدث ؟!
الأم :قلت لك تعال بسرعة ولا تتأخر .. أريدك في موضوع مهم ..
سامي: إن شاء الله يا أمي .. سوف أتناول فطوري مع حنان ( زوجته ) وبعد الفطور سوف نمر عليك .. ولن نتأخر إن شاء الله ..
الأم ( وبنبرة استغراب وغضب ): ماذا !؟؟... وأنت لا تمشي إلا معاها ؟! ولا تخرج إلا بصحبتها .. اتركها في البيت وتعال بمفردك ولا أريد أن أراها معك .. ولا بد أن تأتي بسرعة والآن .. ولا تتأخر !!
سامي ( وبنبرة حزن وهو يعرف ان والدته لا تحب زوجته ) : إن شاء الله يا أمي ..
عندما وضع سامي السماعة وذهب لتغيير ملابسه وخرج إلى الصالة إذا بزوجته حنان ترتب الفطور على المائدة .. ولما رأت زوجها على عجلة من أمره .. سألته بكل ود: سامي .. حبيبي .لماذا أنت مستعجل !؟؟! لقد جهزت لك الفطور..
سامي : لا عليك يا حبيبتي .. أمي تريدني في موضوع مهم ولابد أن أذهب لها الآن ..
حنان : خير إن شاء الله .. لا تنسى أن تسلم على ماما يا سامي ..
سامي : إن شاء الله .. مع السلامة ..
أغلق سامي الباب وراءه وذهب إلى أمه ليرى ما عندها من أمر مهم يجعلها تكلمه بهذه اللهجة القاسية ..
وهنـــــــاك ( في بيت أم سامي ) ...فتحت أم سامي النار على ولدها قائلة له : بذمتك كم صار من الوقت على زواجك ؟
سامي : تقريباً سنة كاملة يا أمي ..
الأم : ماذا تقول ؟ سنة ؟؟ مضى على زواجك أكثر من سنة !!
سامي : لماذا يا أمي ؟! هل هناك شيء يختص بزواجي ؟
الأم : لماذا تسأل ؟ ألا تعرف ماذا هناك ؟!
سامي ( مستغرباً ) : ماذا هناك يا أمي ؟!؟
الأم : مضى على زواجك أكثر من سنة وإلى الآن لم نر منك شيئاً !!
سامي: مني أنا ؟
الأم : يعني بالله عليك .. مني أنا ؟ ..أكيد من زوجتك النحس !!
سامي ( وهو متكدر ) : أمي .. ما هذا الكلام الذي تقولينه ؟!؟
الأم : بذمتك .. ألم تمض سنة كاملة ولم نر منها شيئاً !؟!
سامي : يا أمي .. أنجبنا أبناء أم لم ننجب هذا الموضوع يخصنا أنا وهي فقط .. ثم لم يمض من الوقت سوى سنة على زواجنا !؟!؟
الأم : ما شاء الله .. ما شاء الله أصبحت تصرخ في وجهي وتتطاول علي .. العيب ليس فيك بل في هذه الزوجة النحسة التي عندك !!
سامي : أمي لا تقولي مثل هذا الكلام . يكفي .. لا تظلمي زوجتي ..
تظاهرت الأم بالبكاء حتى تلين قلب ابنها قليلا وقال الأم وهي تتظاهر: العيب مني أنا التي أريد أن أفرح بك وبرؤية أبنائك قبل أن أموت وأدفن تحت التراب !!
سامي : يا أمي لا تقولين هذا الكلام .. أطال الله في عمرك وغداً إن شاء الله سترين أبنائي وأبناء أبنائي أيضاً ..
الأم : ومتى؟ متى سيأتي اليوم الذي سأراهم فيه ..
سامي : قريباً إن شاء الله يا أمي ..
الأم: ومتى قريب ؟ في كل مرة تقول لي نفس الكلام والآن مرت سنة كاملة ولم أرى شيئاً .
سامي ( يحاول ان يغلق الموضوع ): يا أمي .. كل شيء بيد الله تعالى وليس بيدينا شيء ..
الأم : اسمعني يا ولدي .. سوف أصبر وأفوض أمري إلى الله ..
سامي : إن شاء الله يا أمي العزيزة .. سوف أذهب الآن .. هل تريدين شيئاً ؟؟
الأم : اهتم بنفسك . وفي أمان الله وحفظه ..
لما رجع إلى البيت .... كانت حنان جالسه على مائدة الفطور بانتظار عودة سامي ..
حنان : أهلا بحبيبي سامي ..
سامي ( ويبدو عليه الحزن ) : أهلا حبيبتي حنان ..
حنان : سامي حبيبي .. تعال لتناول الإفطار . لم أفطر فقد كنت أنتظرك وكلي شوق ولهفة لرؤيتك ..
سامي : لا أشتهي طعاماً ثم دخل الغرفة ... ودخلت حنان وراءه ..
حنان : سامي .. لماذا أراك حزيناً ؟!؟ ليست هي عادتك يا حبيبي ..
سامي : سلامتك يا حبيبتي .. ليس هناك شيء ..
حنان : سامي حبيبي .. هذا الكلام تقوله للشخص الذي لا يعرفك .. ولكنني زوجتك وأعرف ما بك .. سامي ( وبعد تنهيده طويلة ) : حنان .أمي .. أمي يا حنان..
حنان : ماما ؟ .. خير إن شاء الله ما بها ؟
سامي :هذي المرة الثانية يا حنان التي تقول لي فيها . ( ثم توقف سامي عن الكلام خوفا من ان يجرح مشاعرها ) ..
حنان : ماذا يا سامي أكمل؟
سامي ( يتابع حديثه ) : التي تقول لي فيها .. ( ويقول بغصه ) أريد أن أرى عيالك ..
حنان ( وبدأ بعض الحزن في ملامحها لكنها سرعان ما خبأته ) : سامي حبيبي .. هي أمك ومن الطبيعي أن تقول لك هذا الكلام لأنها تريد أن تفرح بك وترى أطفالك يلعبون أمامها .. ولا أعتقد أن ماما قالت شيئاً غريباً وهذا الشيء من الطبيعي أن تقوله كل أم لولدها ..
سامي : يكفي . يكفي ..
حنان : إذا كنت تريد أن نذهب لأداء التحاليل والفحوصات فأنا مستعده وليس لدي مانع ولكن لا أريد أن أراك متضايقاً وحزيناً هكذا !!
ذهب سامي وقبل جبين زوجته حنان ثم قال لها : هل تعلمين يا حبيبتي أن حياتي بدونك لا تساوي شيئاً ؟!؟
حنان ( بابتسامة هادئة ) وأنا أيضاً يا سامي ..
وبالفعل بعد أيام ذهب سامي وحنان لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة .... وبعد أيام قليلة ظهرت النتائج .. وذهبوا لاستقبالها .. وفي المستشفى ظهر سامي وتبدو عليه علامات التوتر والخوف وكان خوف حنان أكبر لكنها كانت تخفيه بابتسامة كاذبة في وجه سامي . وعندما ظهرت النتائج ..... ظهرت الصاعقة التي لم يكن يحتملها الزوجان أبداً ... حنان عقيم ...عقيم ..عقيم .. ولا تستطيع الإنجاب أبداً ... ومن الصعب علاجها .. أخفت حنان فمها بيدها من الدهشة ... وامتلأت عيناها بالدموع وهي تنظر إلى سامي سامي الذي امتلأت عيناه بالدموع كذلك ولكنه ضم حنان بقوة وهي تبكي وعندما وصلوا المنزل وفتحوا الباب تفاجأوا بمفاجأه أخرى كانت تنتظرهم هناك .. إنها أم سامي جالسه في الصالة تنتظر ... وعندما فتحوا الباب اندهشوا لتواجدها ... فقالت أم سامي باحتقار : صباح الخير .. كان ظني صائباً أليس كذلك ؟!؟
ذهبت حنان تركض وهي تبكي بشده إلى غرفتها ... وأما سامي فقد وقف أمام الصالة ... وما كاد أن يذهب إلى زوجته .. حتى نادته والدته بصوت حاد : سامي كان ظني صائباً أليس كذلك ؟!
سامي ( وهو يتلعثم ) : أمي .. أمي
الأم ( قاطعته بغضب شديد ) : : كان ظني صائباً !؟ العيب فيها طبعا ؟
سامي : أمي .. هذا قضاء الله وقدره ..
الأم ( وهي مندهشة وتلومه بغضب ) : أرأيت يا سامي .. هذا جزاء الولد الذي لا يطيع أمه .. هذه هي التي أحببتها وكنت مجنوناً بها .. أنظر الآن ماذا أتى من ورائها .. هذه هي التي أخذتها رغماً عني ووقفت بوجهنا كلنا من أجلها . ألم أقل لك ؟؟ ألم أخبرك بأنه لا فائدة ترجى من ورائها !؟؟!
هناك في الغرفة كانت حنان واقفة ومسنده رأسها على الجدار .. ودموعها الحارة تنسكب على خديها بدون توقف وهي تسمع كل الكلام الذي دار بين سامي ووالدته ..
وفي الصالة مازال سامي يكلم أمه فقال لها : يا أمي هذا قضاء الله وقدره
الأم ( وهي غاضبه ) : ونعم بالله .. ولكنك تستحق ما يحدث لك .. هذا هو جزاؤك .. عصيت أمك وتزوجت منها .. لو تزوجت بنت خالتك سعاد لكانت أحسن من هذه العقيمة التي لا تنجب !!
غضب سامي من كلام والدته وقال : يكفي يكفي يا أمي .. هذي حياتنا ونحن أحرار .. لا أريد أطفالاً .. لا أريد أحداً .. أنا أحبها .. أحبها ولن أتخلى عنها ولن أتزوج غيرها !!
الأم غاضبة : حبتك الجرادة أنت وزوجتك النحس قول آمين !! ... اسمع يا سامي .. في أول الأمر عصيت أمرنا ومشيت على هواك وتزوجتها ووافقناك على ما أردت وانظر الآن إلى أن أخذك عنادك .. أخذك إلى امرأة عاقر لا تنجب والآن جاء دوري لأتكلم ولن أسكت أبداً !!
سامي : هذه حياتنا ونحن أحرار وليس لأحد دخل بنا ..!
الأم ( غاضبة ) : اصمت .. لا تقل كلمة واحدة بهذا الشأن .. هل يوجد رجل في هذه الدنيا لا يريد أطفالاً يكبرون أمام عينيه ويحملون اسمه واسم عائلته !!؟؟ .. ماذا تريد الناس أن يقولون عنا ؟؟ يالها من فضيحة .. سامي يرفع صوته في وجه أمه ولا يطيع أمرها ويقول لأمها : أحبها . ولا أريد أبناءاً ابداً !!
سامي (وهو يخفض صوته) : أمي . أرجوك .. اخفضي صوتك واسكتي .. حنان حزينة جداً بسبب هذا الموضوع ولا أريد أن أزيدها هماً على همها !!
ترد الأم وهي مندهشة وغاضبة : لا والله .. دعها تسمع كل شيء فلا يهمني أنا إن كانت تسمع أم لا .. العيب منها هي وليس منك أنت حتى تخاف عليها .. اسمع يا سامي .. أنت مازلت شاباً صغيراً فلا تقل لي أنك سوف تضيع حياتك مع امرأة لا فائدة ترجى من ورائها !!
حنان مازالت في غرفتها مسندة رأسها إلى الجدار وهي تبكي مستمعة إلى الحديث الذي يدور بين زوجها سامي وبين أمه ..